السلام عليكم...
أما بعد فاني اشكو من مشكلة ...وهي اني ابقى دائم الشك بايماني بالله,فعندما ناخذ حصة تربية اسلامية يتكلم الاستاذ عن الايمان بالله ونواقضة وغير ذلك فاني اراجع نفسي وايماني فاشك بالايمان الذي عندي ودرجة الايمان
فاجوبوني جزاكم الله خيرا ماذا افعل
الإجابة
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ،
الأخ السائل
- إذا كان هذا الشك في الإيمان مجرد خاطر طرأ عليك فتضايقت منه و خفت من وروده عليك وكرهت أن تنطق به وخشيت من عاقبته واجتهدت في دفعه فإن هذا الشك هو مجرد وسوسة من الشيطان ولا يؤثر على صحة إيمانك وإسلامك ، بل أن كراهية هذه الوساوس وبغضها وضيق الصدر منها والخوف من عاقبتها دليل على الإيمان، فقد جاء في صحيح مسلم عن أبى هريرة قال "جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد فى أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به ،قال وقد وجدتموه ؟ قالوا نعم قال ذاك صريح الإيمان " ، وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه ، يعرض بالشيء ، لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به ، فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة" رواه أبو داود وصححه الألباني .
ولا إثم على هذه الوساوس بإذن الله ما لم تتحول لقول أو عمل كما قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله تجاوز لي عن أمَّتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم " البخاري /2528 .
- وكلما هاجمتك هذه الوساوس عليك ما يلى :
قطع التفكير فيها وعدم الاسترسال فيه وهذا الأمر في غاية الأهمية فلا بد من ضبط النفس عن الاستمرار في هذه الوساوس لأنّ الأضرار والعواقب المترتبة على التسليم لهذه الوساوس وخيمة .
الاستعاذة بالله من الشيطان كما قال تعالى " وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ " الأعراف/ 200 ،201 .
أن تقول : آمنت بالله فقد صح عن النبي انه قال "لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال : هذا خلق الله الخلق ، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل : آمنت بالله" رواه مسلم .
عدم الكلام أو العمل بمقتضى الوسوسة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "إنَّ الله تجاوز لي عن أمَّتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم " البخاري /2528 .
- أما إذا كان هذا الشك شكا مستقرا تطمئن إليه نفسك وتركن إليه ولا تستعظم أن تتكلم به فإن ذلك خطير لأن الإيمان هو التصديق الجازم الذي لا يقبل الشك ، واليقين وعدم الشك والإرتياب شرط في الإيمان قال تعالى :" إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا " سورة الحجرات / من الآية15 فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا ، أي لم يشكوا .
فإذا كان قد أصابك الشك والإرتياب في الإيمان بالله فعليك أن تبادر بالتوبة إلى الله تعالى وتجدد إيمانك.
وننصح الأخ السائل بما يلي :
- الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء بصرف الوسوسة ، وطلب تثبيت القلب على الإيمان، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يدعو فيقول:"يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".
- الإكثار من ذكر الله تعالى والاستغفار فبالذكر يطمئن القلب قال تعالى:" الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ "الرعد / 28 ، وللذكر أثر أيضا في دفع الوسوسة فإن الإعراض عن ذكر الله تعالى والغفلة تجعل المجال فسيحاً للشيطان. قال الله تعالى: " وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ" الزخرف/36 .
- المحافظة على فعل الفرائض وتجنب المحرمات .
- المداومة على قراءة القرآن، فاجعل لك وردا يوميا حسب طاقتك ، مع تدبر الآيات فإن تدبر القرآن من أسباب حياة القلوب .
- طلب العلم والتفقه في الدين حتى لا يجد الشيطان سبيلا لتشكيكك ، ومحاولة التحصن من الوسوسة عن طريق العلم بوجود الله ودلائل قدرته ووحدانيته والإيمان به , فهذا من أعظم وسائل دفع الوسوسة وذلك لأنه بزيادة العلم بالله يستطيع المسلم أن يرد هذه الوسوسة والشبه بما عنده من الهدى والعلم ، كما ان تحصيل العلم الشرعي يؤدي إلى خشية الله تعالى وزيادة الإيمان به ، قال تعالى :" إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ " سورة فاطر / من الآية 28.
- استشعار عظمة الله عز وجل، ومعرفة أسمائه وصفاته ، والتدبر فيها ، وعقل معانيها .
- التفكر في مخلوقات الله تعالى من إنسانٍ وحيوانٍ ونباتٍ ، فإنَّ ذلك ولا شك يزيد الإيمان ويجدده ويقويه، ويؤكد بما لا يدع مجالاً للشك وجود خالق لهذه المخلوقات.
- التفكر في نعم الله تعالى حتى يستشعر القلب فضله- عز وجل- ومنته .
- التفكر في الآخرة، وفي الموت، وأن الإنسان سوف يموت، وسوف يلاقي ربه، وذكر الآخرة والحساب والصراط والميزان، وتذكر عقوبة العاصين ونعيم المطيعين.
- الحرص على التواجد في بيئة صالحة : فالبيئة الصالحة لها أهمية كبيرة ويدل على أهميتها تحريض النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على الهجرة ، كما يدل على أهميتها أيضاً نصح العالم الرجلَ الذي قتل مائة نفس ثم أراد التوبة بأن يذهب إلى أرض يوجد بها أناس صالحون وأن يعبد الله معهم، كما في الحديث الصحيح أنه قال له : انطلق إلى أرض كذا وكذا . فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم . ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء ...
- الاختلاط بالصالحين ممن حولك ، فإن العيش في المناخ الصالح أمر مهم للغاية في دفع مثل هذه الوساوس فمخالطة الصالحين توقظ الإيمان وتدفع للعمل ، كما ان الله تعالى قد قال :" وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" .
- الارتباط بالمساجد وتعلق القلب بها دائمًا : علك أن تدخل في السبعة الذين يظلهم الله- عز وجل- بظله يوم لا ظل إلا ظله ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : الإمام العادل . وشاب نشأ بعبادة الله . ورجل قلبه معلق في المساجد . ورجلان تحابا في الله ، اجتمعا عليه وتفرقا عليه . ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال : إني أخاف الله . ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله . ورجل ذكر الله خاليا ، ففاضت عيناه . وفي رواية : ورجل معلق بالمسجد " متفق عليه واللفظ لمسلم .
- تجنب الفراغ ، والاشتغال بما ينفعك في أمر دينك ودنياك لئلا تفسح المجال للشيطان فيوسوس لك بمثل هذه الوساوس .
نسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحبه ويرضاه .